ثلاثة انقلابات الأسبوع الماضي (1)

صحيفة الرائد اسحاق احمد فضل الله
والميكروفونات والرقص كانت اشياء تدوي.. والعربات التي تعبر بمبني كمبوني عصر امس الاول لا يخطر لاهلها انهم يشهدون انقلابا كاملا.
وواحدا من خمسة احداث سوف تبدل مسار السودان.. وكلها يقع الاسبوع الماضي.. وكلها مكتوم.
* والخرطوم والناصر وجوبا واعالي النيل وبحر الغزال كلها كانت تتبادل الحديث العنيف نهار ومساء الجمعة.
* وكل شيء وكل كلمة كانت رمزا وزمزمات وطلاسم لها تفسير مذهل.
* فلما كان ميكروفون النوير في احتفال الخرطوم يقول :
التحية لبوث ديو..!
كانت تعني ان (بوث ديو) والنوير كانوا هم الذين تحدثوا عن الفيدرالية.
وبوث ديو كان هو من يسر اليه الانجليز ان منطقة النوير هي الوحيدة التي تحتوى علي البترول.
* وديو يسر بالامر بعده الي فيثر جاتكوث – وهذا يذهب بالسر الي ابيل الير الذي هو من الدينكا وخال جون قرنق.
* وامس الاول كان النوير يحتفلون بالعيد الخامس لرحيل قرنق بحيث يعلنون انه (مرحبا بقرنق...).
* وجوبا كانت تشترك في المعركة ضد نوير الخرطوم بطريقتها.
* وجوبا التي تعلم ان مشار يتجه الى الخرطوم للمشاركة في الاحتفال تقوم بتأجيل جلستها حتي الليل – وذلك حتى لا يذهب مشار الى الخرطوم.
* ولما كانت فصاحة الجماهير التي تقول كل شيء.. تصرخ بكل شيء في زحام اللقاء الذي جمع عدة آلاف امس الاول من النوير .
قبلها.. ايام الانتخابات.. كانت الفصاحة الشعبية تقدم احد عروضها المؤلمة.
ففي ايام الانتخابات لما ذهب احد مرشحي الحركة لترشيح نفسه عند أهله. قالوا : نعم – تعال نذهب بك الى المواطنين.
ويقودونه حتى يقف امام مقابر ممتدة.. مقابر الذين قتلهم الصراع القبلى قبل سنوات.
* وقالوا – هؤلاء هم الذين كانوا يستطيعون دعمك لتفوز!.
(1)
* لكن لقاء النوير كان يوقف آخرين فوق قبور أخرى – والزحام هناك كان كلما ذكر الميكروفون اسما يأتون بحكاية... عما يفعله صراع القبائل
* واسماء مثل تعبان وجون لوك وسايمون وجيمس اوث وجيمس كوك -وكلهم نوير يعملون مع الدينكا - كانت تلقي دمدمة ساخطة.
* واللقاء كان يضم مثقفين.
* والمثقفون يقولون ان بعض القبائل في حرصها علي ان يقودوا القبائل الاخرى من الرسن – ظلوا (ينتفون) ريش القيادات.. وهكذا كان الدينكا يذهبون بجون لوك الذي كان مستشار الدكتور مشار قائد النوير للشؤون القانونية. وشول رامبائق مستشار مشار للشؤون الادارية. ومكواج الذي كان للتجارة ويذهبون بقائد حرس مشار ومثلما ذهبوا بجيمس اوث القائد العسكري وتعبان دينق.
(2)
* وذكاء رائع كان يميز البداية الجديدة... ومن المنصة كان احدهم يقول :
الدينكا رفضوا اتفاقية الخرطوم لانها كانت بقيادة مشار والآن يطلبون الانفراد بنيفاشا لانها من صنع الدينكا.
* وينفردون بالمحادثات والاستفتاء الآن... و...
وصرخة هائلة تنطلق من الحاضرين.
:... لا... لا
(3)
* والحركة تحتفل - امس الاول بذكرى وفاة قرنق بايقاد الشموع - كان يجعل عربة من قيادة الحركة تقترب من بوابة مدرسة كمبوني حيث الاحتفال ولا تجرؤ علي الدخول والعربة تشعل شمعا من مكانها.
* وشيء غريب... وبالغ الفصاحة.. يحدث.. والمحتفلون الذين كانوا قريبا من الباب يبتعدون بحيث لا يسقط عليهم شعاع الشمعة !!
* انقلاب غريب ومثير جدا يقع وسط الحركة الشعبية مساء امس الاول والرقص في ميدان كمبوني كان رقص آخر يسبقه ويتبعه – رقص القادة السياسيين الهامس .
* وغريب كذلك ان انقلاب القبائل هو واحد من ثلاثة انقلابات مشابهة كلها يقع في نفس الاسبوع في مكان آخر.. وفي وسط آخر.
* والشهور القادمة تستقبل مسارا جديدا تماما – بوجوه جديدة.. هنا.. وهنا.. وهنا..
* ونذهب نحن خلف التيار...